بقلم / اكرم هلال
يوم حزين تشهده الساحة السينمائية المصرية والعربية اليوم، فقد رحل نور الشريف عن عمر يناهز الـ69عاماً، وذلك بعد صراع طويل مع المرض. مرض كان قد كشف عنه في حديث سابق له مع صحيفة “الوفد” المصرية، وحينها أكد أنه تعب من الشائعات التي تلاحقه وتتعلّق باصابته بمرض خطير أثر عليه بشكل كبير. الشريف ذكر في معرض حديثه ان الدم لا يصل الى رجله اليمنى، لافتاً الى ان الأطباء نصحوه باجراء جراحة لتوسعة الشرايين، “وقبل إجراء الجراحة تم اكتشاف وجود مياه في الرئة ونتج عن هذه المياه حدوث إلتهاب في الغشاء البلوري، ولهذا توقفت عن التدخين منذ سنتين”.
وذكر انه يتلقى علاجاً للرئة وازالة الالتهاب الموجود في الغشاء البلوري، وخلال المقابلة قال: “اذا كتب الله سبحانه وتعالى الشفاء فسوف اجري جراحة في قدمي اليمنى.
نور الشريف : فنان مصري، اسمه الحقيقي “محمد جابر محمد عبد الله”، ولد يوم 28 أبريل عام 1946م في حي السيدة زينب بالقاهرة لأسرة من قرية طنبدي مركز مغاغة بمحافظة المنيا، حصل على دبلوم من المعهد العالي للفنون المسرحية بتقدير امتياز وكان الأول على دفعته عام 1967م.
وتزوج بالفنانة بوسي لسنوات طويلة وانجبا ابنتين هما سارة ومي لكنها انفصلا في العام 2006، قبل أن يعودا مجددا للارتباط في العام 2015. وكان نور الشريف يبلغ من العمر عاما واحدا عندما توفي والده، وبدأ التمثيل في المدرسة حيث انضم إلى فريق التمثيل بها وكان لاعبا في أشبال كرة القدم بنادي الزمالك ولولا حبه للتمثيل لربما اصبح احد نجوم كرة القدم وبعد أن حصل على الثانوية العامة التحق بكلية التجارة، ثم تركها وإلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية. وعندما التحق بمعهد الفنون المسرحية رشحه المخرج الراحل “نبيل الألفي” لتمثيل دور “روميو” في رائعة شكسبير “روميو وجوليت” بشعبة المسرح العالمي التابع للتليفزيون وقتها ون ثم تعرف على الفنان سعد أردش في مسرحية “الشوارع الخلفية”
وأثناء بروفات المسرحية تعرف على الفنان “عادل إمام” الذي قدمه للمخرج “حسن الإمام” ليظهر في فيلم “قصر الشوق” الذي حصل من خلاله على شهادة تقدير تُعد أول جائزة يحصل عليها في حياته الفنية.
تألق الفنان “نور الشريف” بعده أدوار متميزة في السينما والتلفزيون مما مكنه من أن يصبح أحد النجوم المتميزين، حيث احتل عن جدارة مساحة كبيرة في قلوب الملايين بأعماله الفنية المتميزة التي احترمت ذهنية المشاهد لتناولها الواقع المعيشي للمجتمع بمشاكله وقضاياه وهمومه، ساهمت في ترسيخ اسمه كفنانٍ في وجدان الشعوب العربية.
من أبرز أعماله السينمائية: “المصير” – “كتيبة الإعدام” – “الكرنك” – “عمارة يعقوبيان” – “سواق الأتوبيس” – “ليلة ساخنة” – “دائرة الانتقام” – “ناجي العلي” – “الحفيد” – “أولى ثانوي” – “حبيبي دائمًا” – “حدوتة مصرية” – “السكرية” – “قصر الشوق” – “العار” – “زمن حاتم زهران” – “أهل القمة” – “دم الغزال” – “دماء على الاسفلت” – “غريب في بيتي” – مدرسة المشاغبين- “ليلة البيبي دول” – “مسجون ترانزيت”.
كما قدم عدد من الأعمال التلفزيونية المتميزة منها: “رجل الأقدار” – “عمرو بن العاص” – “الحرافيش” – “هارون الرشيد” – “عمر بن عبد العزيز” – “لن أعيش في جلباب أبي” – “الرجل الآخر” – “عائلة الحاج متولي” – “العطار والسبع بنات” – “حضرة المتهم أبي” – “الدالي” – “متخافوش” – “الرحايا”، بالإضافة إلي عدد من الأدوار المسرحية أبرزها: “لقدس في يوم آخر” و”يا غولا عينك حمرا” و”الأميرة والصعلوك” و”يا مسافر وحدك”.
وحصل نور الشريف على جوائز عن افلام “القاهرة والناس”، “أديب”، “لن أعيش في جلباب أبي”، “الثعلب”، “عمر بن عبدالعزيز”، “هارون الرشيد”، “عائلة الحاج متولى”، “العطار والسبع بنات”، “رجل الاقدار”. كما حصل على جوائز عن “قطة على نار”، وحصل على 4 جوائز عن فيلم “يارب توبة” وفيلم “وضاع العمر يا ولدي” و”حبيبى دائما” و”الكرنك” و”حدوتة مصرية” و”الطاووس والعار” و”أهل القمة” ”، وجائزتين عن فيلم “الشيطان يعظ”، وحصل على جائزة مهرجان نيودلهي عن فيلم “سواق الأتوبيس”، وعلى جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم “ليلة ساخنة” في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1996 قام بإخراج فيلم العاشقان عام 2001.
نور الشريف لم يتركنا بدون تاريخ له ولنا وارى ان من اهم افلامة ناجى العلى الذى كتب هو نفسة فيه مقال منذ زمن بعيد قائلا.
ناجي العلي… فيلم للوطن والحرية
بقلم الفنان نور الشريف
هل لانه ناجي العلي ام لانني نور الشريف… أكتب هذه السطور؟ لا أدري وان كنت اعتقد انه لا فرق
…!! لا استطيع ان انسى هذا العام… عام (1990) حين خضت تجربة تصوير فيلمي (ناجي العلي) مع المخرج الراحل عاطف الطيب… كنا, كل فريق الفيلم, مشتعلين بالحماس وكل منا بدا كما لو كان يشكل نقطة تحول مهمة في مسيرته الفنية, وكنت راضيا عن نفسي بنسبة كبيرة, لان العمل يحتل المقام الاول في حياتي وحبي له يصل الى حد الجنون, ورغبتي في التجديد ملحة دائما وكذلك الجدية في اختيار الموضوعات وهي النواحي التي توافق مرحلة ما بعد الانتشار في حياة الفنان لتحقيق درجة من النجاح, بحيث يصبح مطلوبا في السوق الفني, اي انه لا يقبل الاعمال الجماهيرية فقط, لانها تقوده الى نهاية مؤسفة, فالفنان الذي يصل الى مرحلة الانتشار في السوق يجب ان يعتمد درجة من التوازن حتى لا يفقد الايمان الشعبي به, ويقوم هذا التوازن على طرح الافلام الشعبية, في الوقت الذي يستغل فيه كفاءته لتقديم اعمال فنية لا يستطيع تقديمها الجيل الجديد… ومن هنا انطلقت الى (ناجي العلي)… و(ناجي العلي) لم يكن مجرد فيلم جاد في مسيرتي كان دليلي الذي قادني الى مرحلة النضوج في زمن التردي السائد في معظم النتاج الفني سواء على المستوى السينمائي أو المسرحي او الموسيقى او حتى التلفزيوني, كان هو البديل المطلوب للافلام المبتذلة او افلام المقاولات التي تتعمد الابتعاد عن صلب الهموم الكبرى والموضوعات الجوهرية, وتعمل على طمس المشكلات الانسانية والقومية والوطنية من خلال طرحها لموضوعات سطحية تخاطب الغرائز وليس العقول والقلوب.
فــ (ناجي العلي) فيلم الوطن والحرية, الوطن فلسطين وهي القضية القومية الاهم ومحور الصراع العربي الصهيوني, والحرية هي المشكلة المركزية في وضعنا العربي, ومن خلال هذا الفيلم سعينا لطرح رؤية فنية سينمائية شكلا وموضوعاً تحاكي الفكرة جمالا وجدية.
وبالطبع كانت هناك أسباب أخرى غير رغبتي الملحة في التجديد لخوض تجربة (ناجي العلي) اهمها ان صورة القضية الفلسطينية غير واضحة تماما لان اختلاف وسائل الاعلام شوه هذه الصورة, وحدث تصيد لاخطاء بعض الشخصيات الفلسطينية, لذا فإن حماسي انصب على مواطن فلسطيني من داخل الارض المحتلة لم يتغير ورغم تنقله من قطر الى قطر الا ان فلسطين ظلت تسكن داخله… هذا المواطن البسيط عاش حياة صعبة رفض خلالها التضحية بفنه وقضيته.
تعاملت مع (ناجي العلي) على مستويين: القضية الفلسطينية, والارض, وهي دائما الرمز للفنان الملتزم… الفنان الذي لا يبحث عن تبرير لانهياره او ضعفه أو ابتعاده عن قضية, بل يصر على موقفه دون الخضوع للتيارات الحزبية. ان حماسي لناجي العلي كان ينبع من التعلق بالقضية الفلسطينية بعيداً عن التحيز والضغوطات, انه يحمل وجهة نظر المواطن العربي الفلسطيني.
دفعني نحو ناجي العلي ايضا… اعتقاد انه النموذج الرائع لغياب الحرية, لانه لا يمسك مدفعاً ولم يؤلف حزباً بل قلما وريشة وحبرا واوراقا فقط لا غير, انه فرد يقف في الساحة وحده, بل انه ضعيف البنية, ولو كانت هناك مساحة من الحرية لاصبح (ناجي) هو المرشد في رحلة الصواب لانه يعكس نبض المواطن الفقير, مواطن المخيمات, لكن ما حدث هو العكس, فغياب الحرية والديمقراطية قتله, هناك التباس يحدث عند الناس دوما ومحوره ان الحرية تعني اطلاق الرأي فقط لان الآخر سيستمع اليه ولا يفهمه, لكن الحرية ان تقول رأيك ولا يقتلك الطرف الآخر.
وعلى هذا المستوى نجد ان ناجي العلي هو الضمير القوي للعديد من القوميين العرب, لقد اختار طرح الرأي الجزئي والصريح دون تردد ولا خوف, لان الصراحة صعبة حتى في الحوار حيث لكل طرف تبعيته, فكيف الحال اذا كان هذا الشخص فناناً يطرح كل اخطاء الأنظمة.
ظللت عامين أو اكثر اتابع الموضوع واجمع المعلومات واقابل اصدقاء ناجي من الكويت ولندن والدول العربية وسجلت لهم كماً من الحوارات لا يمكن وصفه وهذا المشوار من البحث والتقصي كان لابد منه, لان الشخصية حين تكون قريبة منك وفي عصرك من الصعب أن تصل الى الحقيقة كاملة.
والحمد لله قدمت ناجي في فيلم, هو في الحقيقة فيلم عن الوطن والحرية, وأنا مرتاح الضمير, فالنقطة الأساسية فيه كانت عن القضية الفلسطينية من خلال مأساة فنان مبدع وملتزم. ورغم فرحتنا الغامرة أنا وصديقي الكاتب وليد الحسيني شريكي في انتاج الفيلم وصديقي المخرج الراحل المبدع عاطف الطيب وكل أسرة الفيلم الرائعة بعرض الفيلم جماهيرياً, إلا أن فرحتنا كادت تختنق على يد الهجوم العنيف الذي قادته إحدى الصحف المصرية ضد الفيلم وضد شخصية ناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي عاش عمره كله محارباً ومعتركاً بريشته ضد الإحتلال والإستسلام والتفكك العربي, صورنا الهجوم, نحن فريق الفيلم, كما لو كنا مجموعة من الخونة صنعوا فيلماً خصيصاً ضد مصر, حتى أنهم كتبوا وقالوا نور الشريف يقوم ببطولة فيلم الرجل الذي (شتم) مصر في رسوماته, والحقيقة أن هذا الاتهام باطل, فـ (ناجي العلي) كان يعشق مصر لأبعد الحدود وهذا ما توضحه رسوماته, ولكنه هاجم السادات عند زيارته للقدس, وهاجم اتفاقية كامب ديفيد, ناجي العلي لم (يشتم) مصر ولكنه عبر عن رأيه في رفضه لـ (كامب ديفيد) , وهذا كان موقف كل العرب آنذاك ومعظم المثقفين المصريين. سار الهجوم على الفيلم وفق سيناريو محبوك وربما أفلح في التأثير على بعض البسطاء الذين لا يعرفون ناجي العلي ولم يدم هذا طويلاً فالغشاوة سرعان ما تزول, ويكفيني الاستقبال الحار الذي استقبلت به في بعض الجامعات المصرية والجهات الأخرى حيث تم عرض الفيلم, وعقدت ندوات مفتوحة شارك فيها الآلاف ممن لم يتأثروا بهذا الهجوم.
كل هذا شد من أزري وساند موقفي في الصمود وعدم الاستسلام واصراري على أن (ناجي العلي) من أهم أفلامي وسأظل أفخر به دائماً, بل وسأظل أحلم بمواصلة مشواري على نفس الدرب وتقديم شخصيات أخرى تشبه ناجي العلي, وتاريخنا العربي زاخر بها, ولن يرتاح بالي إلا إذا فعلته
والغريب انة قد تعرض الفنان “نور الشريف” للعديد من الشائعات التي كادت أن تطيح بنجوميته وشهرته لولا الثقة التي يحظي بها من الجماهير واحترامهم له، حيث زعمت صحيفة البلاغ المصرية أنه تم إلقاء القبض عليه ضمن شبكة للشذوذ الجنسي، إلا أن “الشريف” تقدم ببلاغ للنائب العام اتهم فيه الصحيفة بسبه وقذفه وهي القضية التي أدانت فيها المحكمة المتهمين بالصحيفة.
كما سرت شائعة بالوسط الفني في أعقاب طلاق الفنان “نور الشريف” والفنان “بوسي”، عن أن سبب الطلاق يرجع إلى اكتشاف بوسي تعلّق نور الشريف بالممثلة التونسية “ساندي” التي نفت تلك الشائعات بنفسها.
ولأول مرة سأحاول استغلال موقع انا فيه واعلن اننى انعى هذا الرجل الذي اثرى عالمنا الفنى بقيم فنية جميلة لن تنساها السينما والدراما المصرية .